فصل: في الرجل يحلف بعتق رقيقه فيحنث في مرضه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


في العبد بين رجلين يقول أحدهما إن لم يكن دخل المسجد أمس فهو حر ويقول الآخر إن كان دخل المسجد أمس فهو حر ولا يوقنان أدخل أم لا‏؟‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن عبدا بين رجلين فقال أحدهما إن لم يكن دخل المسجد أمس فهو حر وهو لا يستيقن دخوله وقال الآخر إن كان دخل المسجد أمس فهو حر وهو لا يستيقن أنه لم يدخله‏؟‏

قال‏:‏ إن كانا يدعيان علم ما حلفا عليه دينا لذلك وإن كانا لا يدعيان علم ما حلفا عليه ويزعمان أنهما حلفا على الظن فإن العبد لا ينبغي أن يملكاه وينبغي أن يعتق عليهما لأنه لا ينبغي لهما أن يسترقاه بالشك قال ابن القاسم ولا يجبران على العتق بالقضاء عليهما قال سحنون وقال غيره يجبران على ذلك وقد قال عبد الله بن عمر يفرق بالشك ولا يجمع بالشك‏.‏

ما جاء في عتق السهام

قال قال مالك فيمن أعتق عشرة أعبد من عبيده في مرضه وله ستون مملوكا قال مالك يعتق منهم سدسهم بالسهم ‏(‏قلت‏:‏ فإن ماتوا كلهم إلا عشرة أعيد‏؟‏

قال‏:‏ إذا ماتوا كلهم إلا عشرة أعيد فإن مالكا قال إن كان الثلث يحملهم عتقوا كلهم هؤلاء العشرة جميعهم‏.‏

قلت‏:‏ فإن كانت قيمة هؤلاء العشرة أكثر من قيمة هؤلاء الخمسين الذين ماتوا‏؟‏

قال‏:‏ نعم وإن كانوا أكثر قيمة‏.‏

قلت‏:‏ لم‏؟‏

قال‏:‏ لأنه إنما ينظر إلى عدد من بقي منهم فإن بقي عشرة عتقوا جميعهم في الثلث إن حملهم الثلث وإن لم يحملهم الثلث عتق منهم مبلغ الثلث بالقرعة ورق منهم ما بقي‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان ما بقي من الستين أحد عشر عبدا‏؟‏

قال‏:‏ يعتق منهم عشرة أجزاء من أحد عشر جزأ إن حمل ذلك الثلث بالقرعة‏.‏

قلت‏:‏ فإن بقي منهم عشرون عبدا‏؟‏

قال‏:‏ يعتق منهم النصف بالقرعة ويرق ما بقي منهم إن حمل الثلث نصفهم بن القاسم وأصل هذا القول أن ينظر إلى عدة من بقي فإن كانوا عشرة عتقوا كلهم وإن كان الذين بقوا عشرين عتق منهم نصفهم بالقرعة وإن كانوا ثلاثين عتق ثلثهم بالقرعة ورق ما بقي منهم وإن لم يمت منهم أحد عتق منهم سدسهم‏؟‏

قال‏:‏ وهذا كله قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ والقرعة بين العبيد إنما هي على قيمتهم‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك من أعتق رقيقا له بتلا عند موته لا يحملهم الثلث فإن هؤلاء يقرع بينهم‏.‏

قلت‏:‏ كيف يقرع بينهم في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ إن كانوا إن قسموا ينقسموا قسموا وأقرع بينهم على أي إلا ثلاث تقع وصية الميت فإذا أصاب ثلثا منها عتق وإن كانوا لا ينقسمون فإنهم يقومون جميعا ثم يسهم بينهم فمن خرج سهمه عتق وإن كان آخر من خرج منهم يكون أكثر من الثلث عتق منهم تمام الثلث ورق ما بقي منهم وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك من قال ثلث رقيقي أحرار أقرع بينهم فأخرج ثلث أولئك الرقيق وهو بمنزلة من قال رقيقي كلهم أحرار وإن قال نصفهم أو ثلثهم أحرار فكذلك العمل فيهم بالقرعة إذا قال نصفهم أو ثلثهم أقرع بينهم‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك من قال رأس من رقيقي أو خمسة أو ستة أحرار ولم يسمهم بأعيانهم نظر إلى جملة الرقيق ثم يقومون ثم ينظر إلى عدد ما سمى من رقيقه فإن كان قال خمسة وهم ثلاثون أعتق سدسهم وإن كانوا عشرين أعتق ربعهم ويقومون جميعا ثم يسهم بينهم فينظر إلى الذي خرج سهمه فإن كان هو كفاف الجزء الذي سمي من رقيقه عتق وحده ورقوا جميعا وإن كان أكثر عتق منه مبلغ ما سمي إن كان سمي سدسهم أو ربعهم ورق منه ما زاد على ذلك ورق جميعهم وإن لم يكن فيه كفاف لما سمي ضرب بالسهم ثانية فإن استكملوا ما سمى من السدس أو الربع وإلا ضرب بالسهم أيضا حتى يستكملوا ما سمي وإن خرج في ذلك أكثر عدد ما سمي من العدد بأضعاف إذا كان الذين يعتقون قيمتهم كفاف لما سمى أو الجزء وإنما يعتق منهم كفاف ما سمي من الجزء إن كان ربعا أو سدسا بالسهم كان واحدا أو عشرين أو ثلاثين لا يلتفت إلى العدد في ذلك إذا كان فيما يبقى للورثة ثلاثة أرباعهم أو خمسة أسداسهم بقية الأجزاء على ما سمي في ثلث جميع ماله حتى يؤتى على جميع وصيته التي سمى على ما فسرت لك‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك أرأيت أن أوصى رجل بالعتق وله خمسون رأسا فقال عشرة من رقيقي أحرار فغفل الورثة عن بيع ماله فلم يقوموا حتى هلك منهم عشرون وبقي منهم ثلاثون فقال مالك يعتق ثلث الثلاثين ولا يكون لمن مات قيمة يعتد بها على الورثة ولا تدخل على الرقيق وإنما يعتق من عددهم يوم يحكم فيهم وليس لمن مات منهم قيمة وتصير التسمية كلها التي سمي فيما بقي من الرقيق بن وهب أن مالكا وغير واحد من أهل العلم حدثه عن الحسن بن أبي الحسن وعن محمد بن سيرين أن رجلا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق عبيدا له ستة عند موته فأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم وأعتق ثلث ذلك الرقيق قال مالك وبلغني أنه لم يكن لذلك الرجل مال غيرهم بن وهب وأخبرني جرير بن حازم والحرث بن نبهان عن أيوب بن أبي تميمة عن محمد بن سيرين وأبي قلابة الجرمي عن عمران بن الحصين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله أشهب عن الليث بن سعد أن يحيى بن سعيد حدثه عن الحسن أن رجلا أعتق ستة أعبد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن له مال غيرهم فأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم فأخرج ثلثهم بن وهب عن مالك بن أنس أن ربيعة بن أبي عبد الرحمن حدثه أن رجلا في زمن أبان بن عثمان أعتق رقيقا له جميعا فأمر أبان بن عثمان بهؤلاء الرقيق فقسموا أثلاثا ثم أسهم بينهم على أيهم يخرج سهم الميت فيعتق فخرج السهم على أحد الأثلاث فعتقوا قال مالك وذلك أحسن ما سمعت الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد قال أدركت مولى لسعيد بن بكر يدعى دهورا أعتق ثلث رقيق له هم قريب من العشرين فرفع أمرهم إلى أبان بن عثمان فقسهم أثلاثا ثم أقرع بينهم فأخرج ثلثهم فأعتقهم بن وهب عن يحيى بن أيوب عنيحيى بن سعيد قال كان لرجل غلامان فأعتق أحدهما عند الموت فلم يدر أيهما هو فأسهم أبان بينهما فطار السهم لأحدهما وغشي على الآخر‏.‏

في الرجل يعتق أثلاث رقيقه وأنصافهم

قال‏:‏ وقال مالك من قال عند موته أثلاث رقيقي أو أنصافهم أحرار أو ثلث كل رأس أو نصف كل رأس عتق من كل واحد منهم ما ذكر أن حمل ذلك الثلث ولم يبدأ بعضهم على بعض‏.‏

قلت‏:‏ فإنلم يحمل الثلث ذلك‏؟‏

قال‏:‏ يعتق منهم عند مالك ما حمل الثلث يقسم الثلث على قدر ما عتق منهم يتحاصون فيه ولا يقرع بينهم ولكن يعتق من كل واحد منهم ما أصابه من ثلث مال الميت في المحاصة وقاله أشهب‏.‏

في الرجل يحلف بعتق رقيقه فيحنث في مرضه

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يحلف بعتق رقيقه أن لا يكلم فلانا فمرض فكلمه وهو مريض‏؟‏

قال‏:‏ هو بمنزلة من أعتق عبدا له وهو مريض إن مات ووسعهم الثلث عتقوا وإلا أقرع بينهم فأخرج منهم سهم ما حمل الثلث ورق منهم ما بقي ولو حلف ليكلمن فلانا بعتق رقيقه فمات قبل أن يكلمه عتق رقيقه في ثلثه إن وسعهم الثلث وإلا فما حمل الثلث منهم جميعا ولا يقرع بينهم وهم بمنزلة المدبرين يعتق من كل واحد منهم حصته من الثلث وإن كان قد ولد لرقيقه هؤلاء أولاد بعد يمينه هذه كان أولادهم معهم في الوصية يقومون مع آبائهم في الثلث إذا كانت أمهاتهم إماء لآبائهم وهم بمنزلة المدبرين وكذلك قال مالك أرى أولادهم يدخلون معهم بمنزلة المدبرين‏.‏

في الذي يحلف بعتق رقيقه ليفعلن شيئا فيولد لعبيده

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يحلف بعتق رقيقه ليفعلن شيئا فيولد لعبيده أولئك ولد‏؟‏

قال‏:‏ أراهم في اليمين مع آبائهم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل قاله لعبده إن دخلت أنا هذه الدار فأنت حر وقال هذه المقالة في الصحة ثم دخل الدار في المرض فمات من مرضه‏؟‏

قال‏:‏ يعتق العبد من الثلث ‏(‏وسألت‏)‏ مالكا عن الرجل يقول لامرأته إن دخلت دار فلان فأنت طالق البتة وهو صحيح حين قال لها ذلك ثم دخلت الدار وهو مريض ثم مات قال مالك أرى أن ترثه وإن انقضت عدتها وهي بمنزلة من طلق في المرض‏.‏

قلت‏:‏ ولم يورثها مالك وإنما وقع الفراق ها هنا من المرأة لا من الزوج‏؟‏

قال‏:‏ أرأيت المفتدية في المرض أليست ترثه في قول مالك فهذه بمنزلة المفتدية في الميراث‏.‏

فيمن أعتق عبده ثم ادان بعد عتقه

قلت‏:‏ أرأيت إن أمرت عبدي أن يبيع لي سلعة من السلع فباع السلعة وأعتقت أنا العبد ثم اعترفت السلعة التي باع العبد فأراد المشتري أن يتبع السيد ويرد عتق العبد‏؟‏

قال‏:‏ ليس ذلك له ولم أسمعه من مالك لأن الدين إنما لحق السيد بعد ما أعتق السيد العبد‏.‏

في المديان يعتق عبده وعنده من العروض كفاف دينه أو نصفه

قلت‏:‏ وقالمالك إذا كان على الرجل دين وكان عنده كفاف دينه سوى عبده فأعتق عبده جاز عتقه‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو دبره أو كاتبه‏؟‏

قال‏:‏ نعم قال مالك في العتق أنه جائز فهو في التدبير والكتابة أولى أن يجوز وقال مالك من أعتق عبدا له وله من المال والعروض ما لو قامت عليه الغرماء يوم أعتقه كان في ماله سوى العبد وفاء بدينهم فلم يقوموا عليه حتى ضاع المال كله فإن العتق ماض وليس للغرماء أن يردوا عتقه وكذلك التدبير والكتابة أيضا في قوله ولو كان دينه يغترق نصف العبد فلم يقم عليه الغرماء حتى ضاع المال كله لم يبع من العبد إلا ما كان يباع لو قام عليه الغرماء حين أعتق والمال غير تالف فينظر فيه يوم أعتق أو دبر إلى ما كان في يدي السيد من المال يومئذ ولا ينظر إلى ما تلف من المال بعد ذلك ويعتق منه ما بقي‏.‏

قلت‏:‏ فإن دبر رجل عبده وله مال وعليه دين يغترق ماله أو يغترق نصف عبده هذا الذي دبره‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أني أرى أن يباع من العبد مبلغ الدين بعد مال سيده مثل ما وصفت لك في العتق فإذا بيع منه ما ذكرت لك كان ما بقي مدبرا لأن مالكا قال لو أن عبدا بين رجلين دبره أحدهما بإذن صاحبه لجاز ذلك وما كان به بأس لأن الكلام في هذا المدبر للذي يدبر فإذا اشترى المشتري على هذا يكون كأنه رضي بالتدبير ولا يتقاوم انه ولقد سمعت مالكا وكانت المقاومة عنده ضعيفة ولكنها شيء جرت في كتبه ولقد سمعته ونزلت فألزمه التدبير الذي دبره كله ولم يجعل فيه تقويما فهذا يدلك على أن المدبر يباع منه بقدر الدين ويترك ما بقي مدبرا وهذا بمنزلة العتق‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان كاتبه وعليه من الدين مثل ما وصفت لك مقدار نصف العبد‏؟‏

قال‏:‏ فلا أرى أن يجوز منه قليل ولا كثير لأنه لو كاتب نصف عبده وليس عليه دين لم يجز ذلك ولو كاتبه كله وعليه دين لم يجز ذلك إلا أن يكون لو بيعت كتابته أو بعضها كان فيها ما يؤدي دين سيده فإن كان كذلك رأيت أن تباع وتقر كتابته لأنه لا ضرر على الغرماء في شيء من دينهم إذا كان فيما يباع من كتابته قضاء لدينهم وإنما الذي لا يجوز إذا لم يكن فيما يباع منه قضاء للغرماء فحينئذ يرد عليه ويباع العبد في دينهم‏.‏

ولو أن عبدا بين رجلين كاتب أحدهما نصيبه بغير إذن شريكه أو بإذنه فالكتابة باطلة ولا يقال لهما مثل ما قيل في التدبير‏.‏

في عتق المديان ورد الغرماء ذلك

قال‏:‏ وقال مالك في الذي يعتق وعليه دين فرد الغرماء عتقه فلم يباعوا حتى أفاد السيد مالا فإنهم أحرار‏.‏

فقال‏:‏ له بعض جلسائه ألم يكن ذلك ردا للعتق‏.‏

فقال‏:‏ ليس ذلك ردا للعتق حتى يباعوا‏؟‏

قال‏:‏ ولو باعهم السلطان ولم ينفذ ذلك وأفاد السيد مالا‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك رأيتهم أحرارا‏.‏

قلت‏:‏ ما معنى قول مالك ولم ينفذ ذلك‏؟‏

قال‏:‏ إن السلطان عندهم بالمدينة يبيع ويشترط في ذلك أنه بالخيار ثلاثة أيام فإن وجد من يزيد وإلا أنفذ البيع للذي اشتراه‏.‏

قلت‏:‏ ويجوز هذا البيع في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يعتق عبده وعليه دين يغترق قيمة العبد وللعبد أولاد أحرار ولم يعلم الغرماء بعتق السيد إياه فمات بعض ولد العبد أيرثه العبد وقد عتق قبل أن يموت إبنه‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى أن يرثه لأنه عبد حتى يعلم الغرماء بالعتق فيجيزون ذلك أو يفيد السيد مالا‏؟‏

قال‏:‏ وكيف أورث من لو شاء الغرماء أن يردوه في الرق ردوه وإن شاؤوا أن يجيزوا عتقه أجازوه ولا أورث إلا من قد بتل عتقه ولا يرجع في الرق على حال من الحالات ولا يكون لأحد أن يرده في الرق ‏(‏ولقد‏)‏ قال مالك في الرجل يعتق عبده عند موته وله أموال مفترقة وفيها ما يخرج العبد من الثلث إذا جمعت فلم تجمع ولم يقض حتى هلك العبد‏.‏

فقال‏:‏ مالك لا يرثه ورثته الأحرار فهذا يدلك على مسئلتك وما أخبرتك فيها لأن العتق إنما يتم بعد جمعهم المال وتقويمهم إياه لأنه لو ضاع المال كله لم يعتق من العبد إلا الثلث وكذلك إن بقي من المال ما لا يخرج العبد في ثلث الميت عتق منه ما حمل الثلث ولا يلتفت إلى ما ضاع من المال فهذا كله يدلك على مسئلتك‏.‏

في الرجل يعتق رقيقا له في مرضه فيبتل عتقهم أو بعد موته وعليه دين

قلت‏:‏ أرأيت إن أعتق عبيده في مرضه فبتل عتقهم أو أعتق بعد موته وعليه دين يغترق العبيد‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز عتقه عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان الدين لا يغترق قيمة العبيد‏؟‏

قال‏:‏ يقرع بينهم للدين فمن خرج منهم سهمه بيع في الدين حتى يخرج مقدار الدين ثم ينظر إلى ما بقي فيعتق منهم الثلث بالقرعة أيضا وهو قول مالك‏.‏

بن القاسم‏:‏ وقد وصفت لك كيف القرعة أن يقارعوا فإذا خرجت القرعة على أحدهم وقيمته أكثر من الدين بيع منه مقدار الدين والذي يبقى منه بعد الدين يقرع عليه أيضا في العتق مع من بقي فإن خرج ما بقي من هذا العبد في العتق وكان فيه كفاف لثلث الميت عتق وإن لم يكن فيه وفاء أقرع أيضا بين من بقي منهم فإن خرجت القرعة على بعض من بقي وقيمته أكثر مما بقي من الثلث عتق منه مبلغ الثلث ورق منه ما بقي فإن كان حين أقرع بينهم في الدين أنهم يباعون في الدين خرجت القرعة على أحدهم وليس فيه وفاء بالدين فإنه يقرع بينهم أيضا ثانية حتى يستكمل الدين بالقرعة وإن خرجت القرعة بعد الأول على آخر فيه وفاء ببقية الدين وفضل بيع منه مبلغ الدين وكان ما بقي منه بعد ذلك للميت ويضرب على ما بقي منه بالسهام مع جميع الرقيق الذين بقوا بعد الدين فمن خرج سهمه عتق في ثلث الميت حتى يستكملوا ثلث الميت وليست تكون القرعة عند مالك إلا في الوصية وهذه وصية‏.‏

قلت‏:‏ فالذي أعتق رقيقه في مرضه فبتلهم أو أعتقهم بعد الموت وعليه دين والعبيد أكثر من الدين أهو سواء في قول مالك يقرع بينهم في الدين‏؟‏

قال‏:‏ نعم هو سواء‏.‏

قلت‏:‏ ويقرع بينهم فيما فضل بعد الدين في العتق في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يكن عليه دين أيقرع بينهم في العتق في قول مالك في الوجهين جميعا في الذين بتل عتقهم في مرضه وفي الذين أوصى بعتقهم إنما العتق في أي الفريقين كان بالقرعة وإن كان لا دين عليه‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن أعتقهم في مرضه وعليه دين وعنده من المال مقدار الدين فتلف المال ثم مات السيد والدين يغترق قيمة العبيد‏.‏

قلت‏:‏ هؤلاء رقيق كلهم يباعون في الدين لأن هذه وصية فلا يكون العتق في الوصية عتقا إلا بعد أداء الدين‏.‏

قلت‏:‏ وسواء إن كان بتل عتقهم في مرضه في مسئلتي أو أعتقهم بعد موته‏؟‏

قال‏:‏ نعم هذا كله سواء لأنها وصية فهم رقيق حتى يستوفي الدين وإن كان في قيمتهم فضل عن الدين أسهم بينهم فيمن يباع في الدين ثم أقرع بينهم في العتق في الثلث‏.‏

فيمن أعتق رقيقه وعليه دين فقام الغرماء وزادوا في بيتهم دون السلطان

قلت‏:‏ أرأيت من أعتق رقيقه ولا مال له غيرهم وعليه دين يغترقهم فقام عليه الغرماء أيكون له أن يبيعهم دون السلطان أو يكون ذلك للغرماء‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يكون له أن يبيعهم ولا لهم دون السلطان‏.‏

قلت‏:‏ فإن باعهم بغير أمر السلطان ثم أفاد مالا ثم رفع أمرهم إلى السلطان‏؟‏

قال‏:‏ يرد بيعهم وتمضي حريتهم وإنما ينظر السلطان في ذلك يوم يرفع إليه فإن كان أعتق وهو موسر ثم أفلس لم يرد عتقه وإن كان أعتق وهو مفلس ثم أيسر لم يرد عتقهم أيضا‏.‏

قلت‏:‏ فإن باعهم السلطان في دينه ثم اشتراهم سيدهم الذي كان أعتقهم بعد ذلك أيعتقون عليه في قولمالك‏؟‏

قال‏:‏ قال‏؟‏

قال‏:‏ لا يعتقون عليه وهم رقيق‏.‏

في الرجل يعتق رقيقه في الصحة وعليه دين لا يحيط بهم أو يغترقهم ثم يفيد مالا ثم ذهب

قلت‏:‏ أرأيت إن أعتق رقيقه في صحته وعليه دين لا يحيط بهم وفيهم فضلة عن دينه وليس له مال سواهم‏؟‏

قال‏:‏ هؤلاء يباع منهم جميعا مقدار الدين بالحصص ويعتق جميع ما بقي منهم وما بيع في الدين منهم فذلك رقيق كذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أعتق رقيقه وعليه دين يغترقهم ولا مال له سواهم فلم يقم الغرماء عليه حتى أفاد مالا فيه وفاء من دينه هل يجوز عتقهم‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك نعم عتقهم جائز‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن ذهب المال الذي أفاد قبل أن يقوم الغرماء عليه ثم قام الغرماء بعد ذلك‏؟‏

قال‏:‏ الرقيق أحرار عند مالك وليس للغرماء عليهم سبيل لأن مالكا قال في رجل أعتق رقيقا له وعليه دين وعنده من المال سوى الرقيق كفاف الدين إن عتقه جائز فإن تلف المال من يديه بعد ذلك فقام الغرماء لم يكن لهم على العبيد الذين عتقوا سبيل وكان عتقهم جائزا وإن لم يكن الغرماء علموا بعتقهم لأنه أعتقهم يوم أعتقهم وعنده من المال مقدار الدين فكذلك مسئلتك‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يكن في ماله هذا مقدار الدين يوم أعتقهم ولكنه مقدار بعض الدين‏؟‏

قال‏:‏ ينظر إلى ما بقي من الدين بعد ماله الذي كان عنده فيرق من العبيد مقدار ذلك يرق منهم مقدار ما بقي من الدين بالحصص من جميعهم وهذا كله إذا كان في الصحة وكذلك يقول أشهب‏.‏

في الرجل يشتري من يعتق عليه وعليه دين

قال‏:‏ وقال مالك في الرجل يشتري أباه وعليه دين أنه لا يعتق عليه‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فإن اشتراه وليس عنده ثمنه كله وعنده بعض الثمن أترى أن يعتق عليه بقدر ما عنده منه ويباع منه ما بقي‏؟‏

قال‏:‏ مالك لا ولكن أرى أن يرد البيع قال ابن القاسم ولا يعجبني ما قال ولكني أرى أن يباع من الأب مقدار بقية الثمن للبائع ويعتق منه ما بقي بعد ذلك قال سحنون وقد قال بعض كبار أصحاب مالك لا يجوز له ملك أبيه إلا إلى عتق فأما إذا كان عليه دين يرده فقد صار خلاف السنة والحق أن يكون الرجل يملك أباه فيباع في دينه ويقضي عن ذمته نماؤه ويكون فيه الربح والزيادة وذلك خلاف ما أعلمتك به من السنة من أن يملك أباه كما يملك السلع فتنمو السلع فيربح فيها أو تتضع فيخسر فيها‏.‏

فيمن أعتق ما في بطن أمته ثم لحقه دين

قلت‏:‏ أرأيت إن أعتق رجل ما في بطن أمته ثم لحقه الدين من بعد ما أعتق ما في بطنها ثم ولدته قبل أن يقوم الغرماء على سيد الأمة أيكون لهم أن يردوا الولد في الرق أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ليس لهم على الولد سبيل لأنه قد قابل الأم قبل أن يقوم الغرماء على حقوقهم‏؟‏

قال‏:‏ وهذا رأيي ولأن عتقه إياه قد كان قبل دين الغرماء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت رجلا أعتق ما في بطن أمته وهو صحيح ثم لحق السيد دين فقامت الغرماء على الأمة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك تباع بما في بطنها للغرماء ويفسخ عتق السيد في الولد‏.‏

قلت‏:‏ فلم جعل مالك الدين يلحق ما في بطنها وجعل عتق هذا الولد إذا خرج من بطن أمه والسيد مريض أو قد مات فارعا من رأس المال ولم يجعله في الثلث إذا كان عتقه إياه في الصحة فينبغي أن يكون عتق هذا الجنين إذا لحقه الدين عتقه في الثلث وإلا فاجعله فارعا من رأس المال ولا تجعل الدين يلحقه‏؟‏

قال‏:‏ إنما قال مالك تباع أمه في الدين فإذا بيعت أمه في الدين كان الولد تبعا لها لأنه لا يجوز أن تباع أمه ويستثني ما في بطنها فلذلك بطل عتق هذا الولد وإن لم يقم الغرماء على هذا السيد حتى يزايل الولد أمه أعتق الولد من رأس المال إذا كان عتق السيد إياه كان في الصحة قبل الدين وبيعت الأم وحدها في الدين وكذلك قال مالك قال ابن القاسم وهو قول عبد العزيز بن أبي سلمة فيما بلغني‏.‏

فيمن اشترى عبدا في مرضه وحابى ثم يعتقه والثلث لا يحمل إلا العبد وحده

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يشتري عبدا في مرضه فحابى في الشراء ثم أعتق العبد والثلث لا يحمل أكثر من العبد‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك من اشترى في مرضه فحابى في شرائه أو باع فحابى في بيعه‏؟‏

قال‏:‏ مالك ذلك في ثلثه وهي وصية فأرى في مسئلتك أنه إذا حابي سيد العبد فلا تجوز محاباته إذا كان أعتق وثلث مال الميت العبد ولا يكون له أكثر من قيمة عبده لأن قيمته ليست محاباة فهي دين وما زاد على قيمته فهي محاباة وهي وصية في الثلث فلما دخل العتق في ثلث الميت كان أولى من وصيته وكانت قيمة العبد أولى من العتق لأن قيمة العبد من رأس المال ‏(‏وقد‏)‏ قال أيضا المحاباة مبتدأة لأن الشراء لا يجوز إلا بها فكأنه أمر بتبدئة المحاباة في الثلث فما بقي بعد المحاباة في الثلث فهو في العبد أتم ذلك عتقه أم نقص منه‏.‏

فيمن أعتق عبده في مرضه بتلا وليس له مال مأمون فهلك العبد قبل مولاه وله بنت هل ترثه

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا أعتق عبده في مرضه بتلا ولا مال له سواه وقيمة العبد ثلاثمائة درهم وللعبد بنت حرة فهلك العبد قبل السيد وترك ألف درهم ثم مات السيد ما حال العبد وحال الألف وهل ترث البنت من ذلك شيئا أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك العبد رقيق لأن السيد لم يكن له مال مأمون فيعتق العبد منه مثل الدور والأرضين وما وصفت لك فلما لم يكن ذلك للسيد كان عتقه فيه باطلا لا يجوز‏؟‏

قال‏:‏ وإن كانت له أموال مأمونة جاز عتقه إياه وكانت الألف بين السيد وبين البنت ميراثا ‏(‏وبه قال بعض الرواة‏)‏ فعل المريض لا ينظر فيه إلا بعد الموت كانت له أموال مأمونة أو لم تكن لا يتعجل بالنظر في شيء من أموره إلا بعد الموت وبعد التقويم كانت له أموال مأمونة أو غير مأمونة‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فإن كانت له أموال مأمونة تبلغ نصف قيمة العبد أيعتق منه النصف أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يعتق منه قليل ولا كثير إلا أن تكون له أموال كثيرة مأمونة بحال ما وصفت لك تكون أضعاف قيمة العبد مرارا‏.‏

في العبد بين الرجلين يعتق أحدهما نصيبه

قلت‏:‏ أرأيت عبدا بين رجلين يعتق أحدهما حصته وهو موسر فقال الذي لم يعتق أنا أعتق حصتي إلى أجل ولا أضمن شريكي‏؟‏

قال‏:‏ بلغني أن مالكا قال ليس ذلك له إنما له أن يبت عتقه أو يضمن شريكه‏.‏

قلت‏:‏ فإن أعتقه إلى أجل أيكون له أن يضمن شريكه‏؟‏

قال‏:‏‏؟‏ قال نعم يفسخ ما صنع ويضمن شريكه فيعتق عليه‏.‏

قلت‏:‏ فإن دبر حصته أو كاتبه‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز ذلك إنما له أن يعجل له العتق أو يضمن شريكه قال سحنون ورواه أشهب عن مالك إن كان للمعتق مال ‏(‏وقال‏)‏ غيره وإن لم يكن للمعتق مال يحمل أن يقوم عليه أو له مال لا يحمل جميع قيمة النصف قوم على المعتق بقدر ما في يديه وإن حمله قوم عليه وإن حمل نصف النصف قوم عليه وعتق على المعتق ما بقي من نصيبه وهو ربع العبد إلى أجل ‏(‏وقد قال‏)‏ بعض رواة مالك أرى إن كان للمعتق مال أن الذي أعتق إلى أجل أراد إبطال سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرى إذا أراد أن يتمسك من الرق بما ليس له وقد أعتق عتقا لازما وعقد عقدا قويا وأخر عتقه إلى سنة وذلك تعد منه في التأخير والتعدي أولى بالطرح من العتق الذي عقده قوي ويلزم العتق الذي ألزم نفسه معجلا‏.‏

قلت‏:‏ بن القاسم أرأيت عبدا مسلما بين نصراني ومسلم أعتق النصراني حصته في هذا العبد وهو موسر وتمسك المسلم بالرق أيضمن النصراني حصة المسلم من ذلك‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا كان العبد مسلما أجبر النصراني على عتق جميع العبد لأن كل حكم يكون بين نصراني ومسلم أنه يحكم فيه بحكم الإسلام‏.‏

قلت‏:‏ وإن كان العبد نصرانيا وكان بين مسلم ونصراني فأعتق المسلم حصته‏؟‏

قال‏:‏ يقوم على المسلم وإن أعتق النصراني حصته لم يقوم عليه ما بقي من حصة المسلم لأن العبد لو كان جميعه للنصراني فأعتقه أو أعتق نصفه لم يحكم عليه بعتقه فكذلك إذا كان بينه وبين مسلم فأعتق النصراني حصته منه وهذا قول مالك وقال أشهب يقوم عليه لأن الحكم إنما هو بين السيدين‏.‏

قلت‏:‏ بن القاسم أرأيت إن أعتق رجل شقصا له في عبد وهو موسر فضمن لصاحبه نصفه بأكثر من قيمته إلى أجل‏؟‏

قال‏:‏ لا يعجبني ولا يجوز هذا وهو حرام‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن عبدا بين رجلين أذن أحدهما لصاحبه في العتق فأعتق أيضمن لشريكه الذي أذن له في العتق أم لا‏؟‏ لأنه أذن له‏؟‏

قال‏:‏ يضمن له عند مالك إذا كان موسرا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن لم يكن المعتق موسرا بما بقي من ثمن العبد ولكنه موسر بنصف ما بقي من العبد‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يعتق عليه من العبد ما حمل منه ماله ويرق ما سوى ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن عبدا بيني وبين رجل أعتق أحدنا نصيبه منه ثم أعتق الآخر نصف نصيبه منه أيكون له أن يضمن شريكه الذي أعتق أولا نصف نصيبه الباقي‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت‏:‏ لم‏؟‏

قال‏:‏ لأنه إذا أعتق شيئا من شقصه عتق عليه جميع ما كان له فيه‏.‏

قلت‏:‏ ولم يعتق عليه جميع ما كان له فيه وإنما كان حقه مالا على صاحبه إذا كان المعتق الأول موسرا‏؟‏

قال‏:‏ لأنه لا يجب على المعتق الأول شيء إلا إذا أقيم عليه والعبد غير تالف قال ابن القاسم ألا ترى أن العبد لو مات قبل أن يقوم على المعتق الأول لم يضمن لشريكه شيئا من قيمته وكذلك إذا أعتقه شريكه بعد عتق الأول لم يكن للثاني أن يضمن الأول لأنه قد أتلف نصيبه فكذلك إذا أعتق بعض نصيبه فقد أتلفه ويعتق عليه ما بقي من نصيبه‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا الذي سمعت‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو مات المعتق الذي أعتق نصف نصيبه قبل أن يعتق عليه ما بقي أيقوم على الأول النصف الباقي من نصيبه‏؟‏

قال‏:‏ نعم يقوم عليه عند مالك‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك لو أن عبدا بين ثلاثة نفر أعتق أحدهم نصيبه ثم أعتق الآخر نصيبه فأراد المتمسك بالرق أن يضمن المعتق الثاني والمعتقان جميعا موسران‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ليس له أن يضمن المعتق الثاني وإنما له أن يضمن المعتق الأول لأنه هو الذي ابتدأ الفساد‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك فإن كان المعتق الأول معسرا والثاني موسرا فأراد المتمسك بالرق أن يضمن المعتق الثاني‏؟‏

قال‏:‏ مالك ليس ذلك له لأنه لم يبتدئ فسادا أولا وإنما ينظر إلى من ابتدأ الفساد أولا‏؟‏

قال‏:‏ وقال لي مالك ولو أعتق إثنان منهم ما لهما من العبد جميعا وأحدهما موسر والآخر معسر ضمن الموسر جميع قيمة نصيب المتمسك بالرق‏.‏

قلت‏:‏ ولم‏؟‏

قال‏:‏ لأن مالكا قال إذا ضمن شيئا من قيمته ضمن جميع ذلك‏.‏

قلت‏:‏ وتجعله كأنه ابتدأ فساد هذا العبد‏؟‏

قال‏:‏ نعم هو وصاحبه ابتدآ فساده إلا أن صاحبه لا يضمن لأنه معسر أشهب عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة العدل فأعطى شركاؤه حصصهم وأعتق عليه العبد وإلا فقد أعتق عليه منه ما أعتق وقضى بذلك عمر بن عبد العزيز برأي عروة بن الزبير في امرأة أعتقت مصابتها من عبد وكانت مصابتها ثمنه ولا قيمة عندها فجعل له عمر بن عبد العزيز من كل ثمانية أيام يوما وجعله في يوم الجمعة وللورثة سبعة أيام وهو قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ بن القاسم أرأيت أن أعتق شقصا له في عبد وهو معسر فلم يقم عليه شريكه حتى أيسر‏؟‏

قال‏:‏ بلغني عن مالك أنه كان يقول قديما أنه يقام عليه وأما منذ أدركناه فإني سألته عنه غير مرة ووقفته عليه فقال لي إن كان يوم أعتق يعلم الناس والعبد وسيده الذي لم يعتق أنه لو قام عليه لم يقوم عليه لعسره لم أر أن يعتق عليه وإن أيسر بعد ذلك لأنه كان حين أعتقه لا مال له إذا علم الناس أنه إنما تركه لعسره‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فإن كان العبد غائبا فلم يقدم حتى أيسر الذي أعتق نصيبه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أرى أن يعتق عليه ولم يره مثله إذا كان حاضرا معه وهو يعلم والناس يعلمون أنه إنما تركه لأنه لا مال له وإنه ليس ممن يقوم عليه وإن العبد حين كان غائبا لا يشبه إذا كان حاضرا لأن سيده الذي لم يعتق إنما منعه من أن يقوم على شريكه الذي أعتق لحال غيبة العبد فهو يقوم عليه إذا قدم العبد وهو موسر وإن كان يوم أعتقه معسرا‏.‏

قلت‏:‏ فإن أعتقه وهو موسر ثم أعسر ثم أيسر ثم قام عليه شريكه أيضمنه‏؟‏

قال‏:‏ نعم يضمنه لأنه يوم أعتقه كان ممن يقوم عليه لو قام شريكه فإذا لم يقم عليه شريكه حتى أعسر ثم أيسر ورجع إلى حالته الأولى التي لو قام عليه فيها شريكه ضمن له فله أن يضمنه‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يقم عليه شريكه حتى أعسر بعد أن كان موسرا يوم أعتق‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك هذا لا شك فيه أنه لا يقوم عليه‏؟‏

قال‏:‏ مالك فإن أعتقه ثم قيل لشريكه أتعتقه أم تضمنه قال بل أضمنه ثم قال بعد ذلك بل أنا أعتقه‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن ذلك ليس له بعد أن رد ذلك عليه‏؟‏

قال‏:‏ مالك ويقوم على الأول ويعتق جميعه على الأول‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن أمة بيني وبين رجل وهي حامل فأعتقت نصفها وأعتق صاحبي ما في بطنها‏؟‏

قال‏:‏ القيمة لازمة للذي أعتق نصفها وعتق هذا الذي أعتق ما في بطنها بعد ذلك ليس بشيء إلا أن يعتقا جميعا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أمة بين شريكين وهي حامل دبر أحدهما ما في بطنها‏؟‏

قال‏:‏ إذا خرج تقاوماه فيما بينهما‏.‏

قلت‏:‏ فإن دبر أحدهما ما في بطنها وأعتقها الآخر‏.‏

قلت‏:‏ يفسخ تدبير الذي دبر ويقوم على الذي أعتق في قول مالك أشهب عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة العدل وأعطى شركاؤه حصصهم وأعتق العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت إن أعتق شقصا له في عبد وله شوار بيت يبلغ نصيب صاحبه أيلزمه عتق جميع العبد‏؟‏

قال‏:‏ نعم يلزمه ذلك عند مالك‏؟‏

قال‏:‏ وإنما يترك له عند مالك ولا يباع عليه مثل كسوة طهره التي لا يستغني عنها وعيشة الأيام وأما فضول الثياب فإنها تباع عليه‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك وإن لم يكن له مال يبلغ نصيب صاحبه عتق عليه مبلغ ماله ورق من العبد ما بقي‏؟‏

قال‏:‏ وسألنا مالكا عن العبد بين الرجلين يعتق أحدهما حصته وهو موسر ويبيع المتمسك بالرق حصته‏؟‏

قال‏:‏ مالك يرد البيع ويقوم على شريكه الذي أعتق‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أعتقه وهو معسر والعبد غائب فباع المتمسك بالرق حصته من رجل وتواضعا الثمن فقبضه المشتري وقدم به والمعتق موسر أو لم يقدم به إلا أن العبد علم بموضعه فخاصم في موضعه وسيده موسر‏؟‏

قال‏:‏ ينتقض البيع ويعتق على المعتق كله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أعتقت شقصا لي في عبد وأنا صحيح فلم يقوم علي نصيب صاحبي حتى مرضت أيقوم علي وأنا مريض‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن يقوم عليك هذا النصف في الثلث قال ابن القاسم والرجل يعتق نصف عبده وهو صحيح فلا يعلم ذلك إلا وهو مريض‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن يعتق عليه النصف الباقي في ثلثه وإن لم يعلم به إلا بعد موته لم يعتق منه إلا ما كان أعتق وكذلك سمعت مالكا يقول في الموت والتفليس أنه لا يعتق عليه إلا النصف الذي كان أعتق منه‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك فإذا أعتق الرجل شقصا له في عبد وهو معسر فرفع ذلك إلى السلطان فلم يقومه عليه ثم أيسر بعد ذلك المعتق فاشترى نصيب صاحبه‏؟‏

قال‏:‏ لا يعتق عليه‏.‏

قلت‏:‏ فإن رفعه إلى السلطان فلم يقوم عليه ولم ينظر في أمره حتى أيسر‏؟‏

قال‏:‏ يعتق عليه‏؟‏

قال‏:‏ لأن العتق إنما يقع عليه حين ينظر السلطان فيه وليس يوم يرفع إلى السلطان‏.‏

ولا يشبه هذا الذي وقف عن طلبه وهو يعلم والناس يعلمون أنه إنما تركه لأنه لو قام عليه ولم يدرك شيئا ثم أيسر بعد ذلك فإن هذا إن قام لم يعتق عليه‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في العبد بين الشريكين يعتق أحدهما نصيبه وشريكه غائب أترى أن ينتظر قدوم الشريك‏؟‏

قال‏:‏ إن كانت غيبته قريبة ولا ضرر فيها على العبد رأيت أن يكتب إليه فإن أعتق وإلا قوم على الأول الذي كان أعتقه فإن كانت غيبته بعيدة أعتق على المعتق إن كان موسرا ولم ينتظر إلى قدوم الآخر قال سحنون وقد قال بعض رواة مالك في الذي يعتق شقصا له في عبد فلم يقوم عليه نصيب صاحبه حتى مرض أو أعتق نصف عبد له ليس له فيه شريك فلم يقوم عليه العبد حتى مرض أنه لا يقوم عليه في الثلث نصيب صاحبه ولا ما بقي من العبد ولا يعتق عليه في ثلثه لأن عتقه كان في الصحة فلا يدخل حكم الصحة على حكم المرض‏.‏

وكذلك إذا مات المعتق أو أفلس وقد قال أبو بكر لعائشة لو كنت حزتيه لكان لك وإنما هو اليوم مال لوارث قاله وهو مريض فالمرض من أسباب الموت وفيه الحجر قال أشهب وقد أخبرني عبد الله بن نافع أن عمر بن قيس حدثه عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس أنه‏؟‏ قال لا يقوم ميت ولا يقوم على ميت‏.‏

في الرجل يعتق نصف عبده أو أم ولده

قلت‏:‏ أرأيت أم ولد رجل أعتق نصفها سيدها أيعتق عليه جميعها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إن أعتق نصف أمة له عتقت عليه كلها فكذلك أم الولد وكل من أعتق شقصا له في عبد يملكه عتق عليه كله عند مالك بن وهب عن يونس عن ربيعة أنه قال في الرجل يعتق نصف عبده قال ربيعة يعتق عليه كله وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أنه من أعتق شركا له في عبد أقيم عليه ثم أعتق كله عليه‏.‏

وذلك أنه لم يكن ليجتمع في يد رجل عتاقة ورق كان ذلك من قبله حتى تتبع إحدى الحرمتين صاحبتها والرق أحق أن يتبع العتاقة من العتاقة للرق بن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم عن عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن القاسم ونافع مولى بن عمر بذلك وأن عمر بن الخطاب قال ليس لله شريك بن نافع عن سفيان الثوري عن سلمة بن خالد المخزومي أن عمر بن الخطاب جاءه رجل فقال له أنا الذي أعتقت نصف عبدي فقال عمر عتق عليك كله ليس لله فيه شريك والرجل صحيح‏.‏

في الرجل يعتق نصف عبده ثم فقد المعتق

قلت‏:‏ أرأيت إن أعتق رجل نصف عبده والعبد جميعه له ثم فقد المعتق فلم يدر أين هو‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك مال المفقود موقوف حتى يبلغ من السنين ما لا يحيا إلى تلك المدة فإذا بلغ تلك المدة جعلنا ماله لورثته يومئذ قال مالك وإن تبين أنه مات قبل ذلك جعلنا ماله للذين كانوا يرثونه يوم مات فهذا المعتق أرى أن يوقف نصفه لأنه لا يدري لمن يكون هذا النصف الذي لم يعتق وإنما يكون هذا النصف الذي لم يعتق من العبد لمن يرث المال‏.‏

قلت‏:‏ ولا يعتقه في ماله‏؟‏

قال‏:‏ لا لأني لا أدري أحي هذا المفقود أم ميت فلا يعتق في ماله بالشك‏.‏

في الرجل يعتق شقصا من عبده بتلا في مرضه أو غير بتل وله أموال مأمونة أو غير مأمونة

قلت‏:‏ وقالمالك في المريض إذا كان بينه وبين رجل عبد فأعتق نصفه بتلا في مرضه إن عاش عتق عليه وإن مات قوم عليه ما بقي في ثلثه قال مالك وإذا أعتق الرجل عبدا في مرضه بتلا وله أموال مأمونة من أرضين ودور عجل عتقه وكان حرا يرث ويورث وتمت حريته وجراحاته وحدوده وقبلت شهادته وإن لم يكن له مال مأمون كما وصفت لك وكان يخرج من الثلث لم يعجل له عتقه وكانت حرمته حرمة عبد وجراحاته جراحات عبد وشهادته شهادة عبد حتى يعتق في ثلثه بعد موته فإذا اشترى المريض نصفه ثم أعتقه في مرضه بتلا إن عاش وإن مات كان حرا كله إذا كان له مال مأمون من دور وأرضين ويقوم عليه نصيب صاحبه ولا ينتظر موته وإن لم يكن له مال مأمون لم يقوم ولا يقوم عليه نصيب صاحبه إلا بعد موته فما أعتق منه ونصيب صاحبه جيمعا أيضا إنما يكون في ثلثه بعد موته فإن كان الذي اشترى منه والذي كان يملك منه من الشقص إنما كان أعتقه المريض بعد الموت في وصيته لم يقوم عليه نصيب صاحبه كانت له أموال مأمونة أو لم تكن ولم أر المأمونة عند مالك في الأموال إلا الدور والأرضين والنخل والعقار بن القاسم وقد بلغني أنه كان يقول قبل ذلك في الذي يعتق بتلا في مرضه أنه في حرمته وحالاته كلها حرمة عبد وحاله حال عبد حتى يخرج من الثلث بعد موته ثم رجع عن ذلك ووقفناه عليه غير مرة فقال ما أخبرتك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت هذا الذي اشترى في مرضه شقصا من عبده فأعتقه بتلا وليس له أموال مأمونة ألا يقوم عليه نصيب صاحبه في حال مرضه‏؟‏

قال‏:‏ لا يقوم عليه في مرضه ويوقف العبد في يدي المريض فإذا مات عتق عليه العبد في ثلثه فإن حمله الثلث عتق جميعه وإن لم يحمله الثلث جميعه أعتق منه ما حمل الثلث ورق منه ما بقي وذلك أن مالكا قال في المريض إذا اشترى في مرضه عبدا فشراؤه جائز فإن أعتقه جاز ذلك على ورثته إذا حمله الثلث وإن لم يحمله عتق الثلث منه ما حمل الثلث ورق منه ما بقي وجاز فيه الشراء إذا لم يكن في الشراء محاباة على ما أحب الورثة أو كرهوا وذلك أن مالكا قال أيضا إذا أعتق الرجل في مرضه نصف عبده بتلا عتق عليه كله في الثلث فإذا كان يعتق عليه العبد في ثلثه إذا كان جميعه له فإنه إذا أعتق في مرضه شقصا له في عبد فبتله فإنه يقوم عليه نصيب صاحبه منه كانت له أموال مأمونة أو لم تكن مأمونة بن وهب عن الليث بن سعد عن ربيعة أنه قال في الرجل يعتق شركا له في عبد عند الموت أنه يعتق ما أعتق من نصيبه ولا يكلف حق شريكه قالابن وهب وأخبرني حيوة بن شريح عن محمد بن عجلان أن عمر بن عبد العزيز أجاز عتق ثلث عبد أعتقته امرأة عند موتها‏.‏

في الرجل يعتق نصف عبد له ثم يموت العبد قبل أن يقوم

قلت‏:‏ أرأيت لو أن عبدا بين رجلين أعتق أحدهما نصيبه وهو موسر فلم يقوم عليه حتى مات العبد عن مال وللعبد ورثة أحرار‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك المال الذي مات عنه العبد للمتمسك بالرق دون ورثته الأحرار ولا يكون للسيد الذي أعتق من ماله شيء ولا لورثة العبد ولا يقوم على الذي أعتق لأنه قد مات‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو لم يترك العبد مالا لم يقوم على سيده الذي أعتق حصته وإن كان موسرا إذا مات العبد في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك إن أعتق حصته وهو معسر فهلك العبد عن مال وله ورثة أحرار‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك المال كله للسيد المتمسك بالرق وليس للمولى الذي أعتق حصته ولا لورثته من ذلك شيء‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ولا يورث من فيه الرق حتى يخرج جميعه من حال الرق التي فيه إلى حال الحرية فتتم فيه الحرية فهذا الذي يرثه ورثته الأحرار وهو ما لم يخرج إلى هذه الحال التي تتم فيها حريته فإنما ماله الذي ترك لمن له فيه الرق‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كان الرق الذي في العبد لرجل الثلث ولآخر السدس ونصف العبد حر كيف يقتسمون المال الذي هلك عنه العبد‏؟‏

قال‏:‏ على قدر مالهما فيه من الرق لصاحب السدس سهم ولصاحب الثلث سهمان بن وهب وأخبرني بن لهيعة أن عمر بن عبد العزيز قضى فيمن أعتق نصيبا من مملوك إن مات قبل أن ينظر في أمره كان ميراثا للذي لم يعتق بن وهب عن يونس بن يزيد عنابن شهاب أنه قال في عبد بين ثلاثة نفر أعتق إثنان وبقي نصيب واحد فمات العبد عن مال قبل أن يقضي بخلاصه السلطان قال ربيعة نراه للذي بقي له فيه الرق لأن الرق يغلب النسب والولاء قال ابن وهب وأخبرني عقبة بن نافع عن ربيعة أنه قال في عبد كان بين شركاء ثلاثة فأعتق أحدهم نصيبه وكاتبه الثاني وتمسك الثالث بالرق فمات العبد قال ربيعة ميراثه بين الذي كاتبه وبين الذي تمسك بالرق على أن يرد المكاتب الذي كاتب ما كان أصاب من كتابته قبل موته وقاله مالك بن وهب عن يزيد بن عياض عن عمرو بن شعيب أنه قال أن عمر بن الخطاب قضى في عبد كان بين رجلين من قريش وثقيف فأعتق أحدهما نصيبه وبقي الآخر لم يعتق فابتاع العبد جارية فوطئها فولدت منه أولادا ثم أعتق الآخر نصيبه من العبد من نفسه وماله وولده فقضى عمر بن الخطاب أن ميراث العبد وولده بين الرجلين‏.‏